بحلول الوقت الذي وُلِد فيه ابن سينا، كان “نوح بن منصور” هو سلطان بلدة بُخَارى لكنه كان يكافح من أجل الاحتفاظ بالحكم. وكان والد ابن سينا حاكمًا لإحدى القرى، وقد تلقى تعليمه على يد والده، والذي كان منزله مكانًا لتجمع الناس من أجل التعلم في المنطقة.

وكان طفًلا بارعًا، حيث كانت لديه ذاكرة قوية، وقدرته على التعلم أدهشت العلماء الوافدين إلى منزل والده، وقد ظهر عليه الفطنة والذكاء في وقت مبكر، وحفظ القرآن كله في عمر 10 سنوات. كما حفظ معظم الشعر العربي الذي قرأه.

وعندما بلغ  سن الثالثة عشر بدأ بدراسة الطب، وقد أتقن هذا المجال قبل سن السادسة عشر عندما بدأ في علاج المرضى. ودرس على يد الكثير من العلماء المسلمين العظماء.

وكانت مهاراته في الطب تثبت أنه سيكون له شأنٌ كبير في المستقبل. وعندما تمكن من معالجة السلطان البخاري من مرضٍ غامض، سُمح لابن سينا باستخدام المكتبة الملكية، وقد استغل هذا الأمر على أكمل وجه، وفي عمر 21 صار  ابن سينا عالمًا كبيرًا وبدأ في تأليف الكتب. لم يكن مهتمًا بالخلافات السياسية وبقي على هذه الخطى لتجنب التورط في أية مشاكل.

استقر أخيرًا في أصفهان (في إيران حاليًا)، حيث سُمِحَ له بافتتاح مدرسته الخاصة للباحثين، وانتهى الأمر بكتابة أكثر من 240 كتابًا حول الفلسفة  والطب، وعلم الفلك، وعلم النبات، وعلم الحيوان، والأرصاد الجوية، وعلم النفس.

الأعمال:

انقلبت حياة ابن سينا رأسًا على عقب بعد وفاة والده  فبدأ بالتجول والتنقل بين المدن ومنها خراسان حيث كان يعمل طبيبًا ومعلمًا فكان يجمع في كل مساء الطلاب حوله للمناقشات الفلسفية والعلمية.

كما عمل كرجل قانون في جورجانج، وكان في خوارزم، ثم أصبح مدرسًا في جورغان مقيمًا للحلقات التدريسية على الرغم من نمط حياته الفوضوية وغير المستقرة.

أما أهم أعماله “كتاب الشفاء” حيث يُعتبر موسوعة علمية تغطي العديد من المجالات مثل المنطق، والعلوم الطبيعية، وعلم النفس، والهندسة، وعلم الفلك، والحساب والموسيقى، بالإضافة إلى كتاب “القانون في الطب” وهو أحد أكثر الكتب شهرة في تاريخ الطب.

وفيما يتعلق بملفاته، كتب أيضًا نحو 450 كتابًا، نجا منها إلى يومنا هذا نحو 240 فقط. من بين تلك الأعمال المتبقية، 150 في مجال الفلسفة و40 فقط في الطب، وهما أكثر مجالين ساهم فيهما ابن سينا أكثر من غيرهما.

كان لابن سينا الكثير من الأعداء الذين حاولوا التخلص منه  أكثر من مرة، وفي الوقت الذي كان يحاول فيه أن يستخدم مهاراته الطبية لإنقاذ نفسه والتخلص من أعدائه كان الآخرون يعدون له مكيدة حتى قضوا عليه.

وقد استطاع  أن يرصد مرور كوكب الزهرة عبر دائرة قرص الشمس بالعين المجردة في يوم (10 جمادى الآخرة 423 هـ =24 من مايو 1032 م)، وهو ما أقرَّه الفلكي الإنجليزي “جير مياروكس” في القرن السابع عشر

وتجدر الإشارة إلى أنَّ ابن سينا كتب عن علم النفس، والجيولوجيا، والرياضيات، وعلم الفلك، والمنطق.