حقائق سريعة
- عرضت للغزالي حالة من التساؤل والتشكك قائمة على محاسبة النفس أدت إلى اعتلال جسده واختلال حياته، وسببها ضعف ثقته بخططه في الحياة وقلة يقينه بأن مسيرة التأليف والمناظرة والتدريس، بما فيها من خير وبر، يمكن أن تصل به إلى الحقيقة الواضحة والسلوك القويم والخلاص الأبدي، وقد أدى به ذلك إلى أمراض جسدية.
- عرَف بـ «الغزّالي» نسبة إلى صناعة الغزل، حيث كان أبوه يعمل في تلك الصناعة.
- كفّر الغزالي فلاسفة الإسلام المتأثرين بالفلسفة اليونانية في 3 مسائل، وبدّعهم في 17 عشر مسألة، وألّف كتاباً مخصوصاً للرد عليهم في هذه ال 20 مسألة سمّاه «تهافت الفلاسفة»، وفيه هاجم الفلاسفة بشكل عام والفلاسفة المسلمون بشكل خاص، وخاصة ابن سينا والفارابي.
- أكد عدد من الباحثين أن الغزالي يُعدّ في كثير من نظرياته النفسيّة والتربوية والاجتماعية صاحب فلسفة متميّزة، وهو في بعض كتبه أقرب إلى تمثيل فلسفة إسلامية، وأنه فيلسوف بالرغم من عدم كونه يريد ذلك.
- كان من أشهر مؤلفات الغزّالي في التصوف كتابه ” إحياء علوم الدين”، والذي قد حاز شهرةً وانتشاراً ما لم يقاربه أي كتاب من كتبه الأخرى، حتى صارت نسخه المخطوطة مبثوثة في مكتبات العالم.
- في كتابه تهافت الفلاسفة ينقد الغزالي الفلاسفة، ويبين أوجه تناقضهم في العلوم الإلهية. المنقذ من الضلال وهو خلاصة تجربة الغزالي في طلبه للعلم
أبو حامد الغزالي.. حجة الإسلام وأحد أهم جهابذة العلماء العرب
1058- 1111 م/ إيراني
عالم شافعي صوفي انقطع سنين طويلة لمحاسبة نفسه، أنشأ منهجاً إصلاحياً متفرداً بعد أن شخص أمراض المجتمع ووضع منهاج للتربية والتعليم وبناء العقيدة الإسلامية ومحاربة التيارات الفكرية المنحرفة، وإصلاح الفكر.
جدول المحتويات
الولادة والنشأة:
ولد أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الغزالي عام 450ه الموافق ل1058 في ثاني أكبر مدن خراسان طوس.
كان والده ناسك متعبداً لا يأكل إلا من صنع يده حتى لا يقع في الشبهات. وقد أوصى قبل وفاته بأن يتعهد وولداه الصغيران محمد وأحمد أحد أصدقاءه وكان متصوفاً وأن يعلمهما الخط وأن ينفق ميراثه القليل في ذلك وإن نفد.
وبعد وفاته عمل صاحبه بالوصية حتى نفذ المال الذي تركه فنصح الولدين اليتيمين بالنزول في مدرسة تكفلهما ويتعلمان فيها.
الدراسة:
بدأ أبو حامد الغزالي التعلم وهو في سن صغير، فتعلم العربية والفارسية وأخذ شيئاً من الفقه على أحمد بن محمد الراذكاني، الطوسي وطرفاً من التصوف على يد يوسف النساج.
وبعد أن شب الغزالي أراد التعلم أكثر فرحل وهو في سن العشرين إلى جرجان في شمال إيران ليأخذ عن أبي القاسم الإسماعيلي وكتب عليه التعليقة.
ثم عاد إلى مدينته طوس وبقي فيها ثلاث سنوات، ليرحل مرة أخرى إلى نيسابور في رفقة جماعة من الطلبة، وفيها لقي معلمه الأشهر إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك الجويني شيخ المدرسة النظامية بنيسابور، فقرأ عليه الفقه والأصول والمنطق والكلام ،ولزمه حتى وفاته .
وفي مدرسة الجويني تعلم أصول الدين الإسلامي فتعلن الفقه والمنطق والكلام، وبرع في المذهب الشافعي. كما درس مواضيع الخلاف والجدل والمنطق، وقرأ الحكمة والفلسفة وفهم علوم الأوائل وتصدى للحجاج والرد فيها، واستمر في ذلك حتى توفي أستاذه الجويني عام 478 هـ.
الأعمال:
بعد وفاة معلمه الجويني انفجرت ملكة التأليف والتصنيف وقدرة النقاش والجدل والمناظرة عند الغزالي، فارتحل وهو في سن الـ28 ليدخل في مخيم نظام الملك وزير السلاجقة، الذي كان مجلسه مجمع أهل العلم وساحة مناظراتهم.
حصل أبو حامد الغزالي على شهرة كبيرة في هذه المجالس، وذاع صيته في حواضر العلم، وبقي 6 أعوام في هذه الحياة الصاخبة بمطارحة الآراء وممارسة الجدل وجوار الأئمة ومقارعة الفحول.
وكان الغزالي ذو همة ونشاط وعمل دؤوب وذهن حاضر، مما أعانه على اكتساب المعرفة من كل باب، فتعلم كل فن غير متهيب ولا متحفظ على عادة أهل زمانه من الخوف والحذر والتحوط في قراءة بعض العلوم، خاصة علوم الأوائل وأخطرها عليهم الفلسفة.
ثم بدأ الغزالي فصلاً جديداً من حياته بعد أن أرسله نظام الملك عام 484ه للتدريس في المدرسة النظامية في بغداد. وكانت شهرته قد سبقته، فوفد عليه الطلاب من كل حدب وصوب، حتى روي أنه كان يحضر مجلسه 400 عمامة، وقد أعجب الخلق حسن كلامه وفصيح لسانه ودقيق نكاته ولطيف إشاراته، فأقام على نشر العلم بالتدريس والتصنيف، وظهر نبوغه وتميزه واتضحت سمات شخصيته العلمية الفريدة ومعالم مشروعه الفكري في المصنفات التي أنتجتها هذه الحقبة، فألف في تلك الفترة:
“مقاصد الفلاسفة” و”تهافت الفلاسفة” و”الاقتصاد في الاعتقاد” و”معيار العلم” و”محك النظر” و”المستظهري في فضائح الباطنية.
ولكن أحداثاً هامة ظهرت في تلك الفترة منها اغتيال الحشاشين بقيادة حسن الصباح لوزير السلاجقة نظام الملك، ثم موت السلطان ملكشاه، وبداية النزاع على السلطة في الدولة السلجوقية.
وفي محرم 486 بويع الخليفة العباسي المستظهر بالله فشهد الغزالي احتفال توليه وألف “فضائح الباطنية وفضائل المستظهرية” بتكليف منه. وقد تنامى نشاط الغزالي خلال الفترة التي مكثها في بغداد التي بلغت أربعة أعوام من تدريس وتأليف ومحاضرة ومناظرة.
أزمة ابو حامد الغزالي:
في ذروة نشاطه في التأليف والتصنيف والتدريس وعودة العامة والخاصة له في كل أمر قرر أبو حامد الغزالي الاعتزال في رجب 488 وهو ما عرف بأزمة الغزالي النفسية، وهي قصة تجربة روحية نادرة في تاريخ البشر، قامت على مكاشفة ومصارحة ومحاسبة للنفس أخذها الغزالي بقدر كبير من تحري الصدق والشفافية الروحية، فهو يتعمق في التفكير لاستكناه الحال والمقال ومراجعة كل شيء في حياته الخاصة، ويقيم بمعيار دقيق للحذر من الغلط ويحرص على وضع خطة سديدة لمكاشفة الحقيقة واختيار الطريقة، ويجتهد من أجل ضمان صحة القلب وصفاء النية ونقاء الطوية.
وبعد تردد بين تجاذب شهوات الدنيا، ودواعي الآخرة، قريباً من ستة أشهر أقفل الله على لسانه حتى اعتقل عنه التدريس، فكان يجاهد نفسه أن يدرس يوماً واحداً تطييباً للقلوب المختلفة إلي، فكان لا ينطلق لسانت بكلمة واحدة ولا يستطيعها البتة، حتى أورثت هذه العقلة في اللسان حزنا في القلب، بطلت معه قوة الهضم ومراءة الطعام والشراب. فأظهر عزمه الخروج إلى مكة وهو السفر ألى الشام حذراً أن يطلع الخليفة وجملة الأصحاب على عزمي على المقام في الشام، فتلطف بلطائف الحيل في الخروج من بغداد على عزم ألا يعاودها أبداً.
ففارق بغداد، وفرق ما كان معه من المال، ولم يدخر إلا قدر الكفاف، وقوت الأطفال، وترخصاً بأن مال العراق مرصد للمصالح، ولكونه وقفاً على المسلمين، فلم يرّ في العالم مالاً يأخذه العالم لعياله أصلح منه.
ثم دخل الغزالي الشام، وأقام به قريباً من سنتين لا شغل لي إلا العزلة والخلوة والرياضة والمجاهدة، اشتغالاً بتزكية النفس وتهذيب الأخلاق وتصفية القلب لذكر الله تعالى.
وكان يعتكف في مسجد دمشق، ويصعد منارة المسجد طول النهار، ويغلق بابها على نفسه. ثم رحل منها إلى بيت المقدس، وكان يدخل كل يوم الصخرة، ويغلق بابها على نفسه. ثم قصد مكة حاجاً، بهجف الاستمداد من بركات مكة والمدينة وزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من زيارة الخليل صلوات الله وسلامه عليه، وفررت إلى الحجاز.
ولكن جذبته الهمم، ودعوات الأطفال إلى الوطن، فعاوده بعد أن كان أبعد الخلق عن الرجوع إليه، فآثر العزلة به أيضاً حرصا على الخلوة، وتصفية القلب للذكر.
وقد انكشفت للغزالي خلال هذه الخلوات أمور لا يمكن إحصائها، فعلم أن الصوفية هي طريق السالكون إلى الله.
أهم مؤلفات أبو حامد الغزالي:
- إحياء علوم الدين
في العبادات والعادات، والأخلاق والتصوف، ينقسم إلى أربعة أقسام؛ يضم كل منها عشرة كتب.
- الاقتصاد في الاعتقاد
في العقيدة، وهو من آخر ما ألف الغزالي، وله شروحٌ كثيرة. المستصفى وهو كتاب في أصول الفقه، يميل فيه الغزالي إلى الاستقصاء، وهو من أمهات كتب المكتبة الإسلامية؛ لحسن ترتيبه والمعاني الدقيقة فيه.
- مقاصد الفلاسفة
في الفلسفة يعرض فيه الغزالي مقاصد علم الفلاسفة ومباحثها، من غير نقد أو تحليل.
- محك النظر كتاب في المنطق
وينقسم إلى قسمين: الأول في الألفاظ والمعاني، والثاني في الحدّ.
- المنخول
في أصول الفقه من أوائل ما كتبه الغزالي وعرضه على شيخه الإمام الجويني، فقال إعجاباً به: “دفنتني وأنا حيّ، هلاّ صبرت حتى أموت؟”.
- مجموعة كتب (البسيط والوسيط، والوجيز والخلاصة)
وهي كتب في الفقه الشافعي.
الحياة الشخصية:
استقر أبو حامد الغزالي فترة طويلة في نيسابور، وهناك تزوج وأنجب، ولم يغادرها إلا بعد وفاة شيخه الإمام الجويني عام 1085م.
الوفاة :
توفي أبو حامد الغزالي في 14 جمادى الآخرة عام 505 هـ الموافق لـ18 ديسمبر 1111 م في مدينته طوس.
الجوائز والتكريمات:
- إنشاء مركز الكرسي المكتمل لفكر أبي حامد الغزالي في باب الرحمة في المسجد الأقصى وجامعة القدس، عام 2013، بتوجيه من ملك الأردن عبد الله الثاني بن الحسين.
- تصوير فيلم وثائقي باللغة الإنجليزية بعنوان «الغزالي.. كيميائي السعادة»، مدته 80 دقيقة، وذلك في عام 2007.
- تصوير مسلسل تلفزيوني عن حياة الغزالي، من إخراج إبراهيم الشوادي، تم عرضه في شهر يوليو 2012.
- وفي عام 2024 أدى دوره الممثل المصري نضال الشافعي في مسلسل الحشاشين الذي تناول قصة فرقة الحشاشين الباطنية الإسماعيلية التي قادها حسن الصباح.
الأقوال:
يقول أبو حامد الغزالي:
- “وانكشفت لي في أثناء هذه الخلوات أمور لا يمكن إحصاؤها واستقصاؤها، والقدر الذي أذكره لينتفع به أني علمت يقينا أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة، وأن سيرتهم أحسن السير، وطريقهم أصوب الطرق، وأخلاقهم أزكى الأخلاق، بل لو جمع عقل العقلاء وحكمة الحكماء وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء، ليغيروا شيئا من سيرهم وأخلاقهم، ويبدلوه بما هو خير منه، لم يجدوا إليه سبيلاً، فإن جميع حركاتهم وسكناتهم في ظاهرهم وباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة، وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به”.
- “كان قد ظهر عندي أنه لا مطمع لي في سعادة الآخرة إلا بالتقوى، وكف النفس عن الهوى، وأن رأس ذلك كله، قطع علاقة القلب عن الدنيا، بالتجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى، وأن ذلك لا يتم إلا بالإعراض عن الجاه والمال”.
رثى أبو المظفر الأبيوردي أبو حامد الغزالي حين مات فقال:
قال الفيلسوف المشهور رينان:
- ” لم تنتج الفلسفة العربية فكراً مبتكراً كالغزالي”.
يقول فيه الإمام الذهبي:
” الشيخ الإمام البحر، حجة الإسلام، أعجوبة الزمان، زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي، الغزالي، صاحب التصانيف والذكاء المفرط”.
المصادر:
- https://ar.wikipedia.org
- https://www.islamweb.net
- https://www.aljazeera.net
- https://www.youm7.com
- https://mawdoo3.com
أبو حامد الغزالي.. حجة الإسلام وأحد أهم جهابذة العلماء العرب
حقائق سريعة
- عرضت للغزالي حالة من التساؤل والتشكك قائمة على محاسبة النفس أدت إلى اعتلال جسده واختلال حياته، وسببها ضعف ثقته بخططه في الحياة وقلة يقينه بأن مسيرة التأليف والمناظرة والتدريس، بما فيها من خير وبر، يمكن أن تصل به إلى الحقيقة الواضحة والسلوك القويم والخلاص الأبدي، وقد أدى به ذلك إلى أمراض جسدية.
- عرَف بـ «الغزّالي» نسبة إلى صناعة الغزل، حيث كان أبوه يعمل في تلك الصناعة.
- كفّر الغزالي فلاسفة الإسلام المتأثرين بالفلسفة اليونانية في 3 مسائل، وبدّعهم في 17 عشر مسألة، وألّف كتاباً مخصوصاً للرد عليهم في هذه ال 20 مسألة سمّاه «تهافت الفلاسفة»، وفيه هاجم الفلاسفة بشكل عام والفلاسفة المسلمون بشكل خاص، وخاصة ابن سينا والفارابي.
- أكد عدد من الباحثين أن الغزالي يُعدّ في كثير من نظرياته النفسيّة والتربوية والاجتماعية صاحب فلسفة متميّزة، وهو في بعض كتبه أقرب إلى تمثيل فلسفة إسلامية، وأنه فيلسوف بالرغم من عدم كونه يريد ذلك.
- كان من أشهر مؤلفات الغزّالي في التصوف كتابه ” إحياء علوم الدين”، والذي قد حاز شهرةً وانتشاراً ما لم يقاربه أي كتاب من كتبه الأخرى، حتى صارت نسخه المخطوطة مبثوثة في مكتبات العالم.
- في كتابه تهافت الفلاسفة ينقد الغزالي الفلاسفة، ويبين أوجه تناقضهم في العلوم الإلهية. المنقذ من الضلال وهو خلاصة تجربة الغزالي في طلبه للعلم