ابن مسكويه.. ” المعلم الثالث” وأول من كتب في الأخلاق بمفهومها العلمي و الفلسفي

932م- 1030م/ فارسي

لقب بأرسطو العرب، وضع قواعداً للحفاظ على الصحة الأخلاقية، انطلاقًا من منظور تنمية الشخصية. وتصف هذه القواعد السبل التي يمكن من خلالها تحقيق التناغم بين مختلف أجزاء النفس، وصولًا إلى السعادة.

الولادة والنشأة:

ولد أحمد بن محمد بن يعقوب مسكويه، أبو علي والمعروف اختصاراً بابن مسكويه عام 932 في مدينة الري في بلاد فارس

الدراسة:

كان لابن مسكويه رغبة شديدة في‏ الكيمياء وتتلمذ فيها على أبي الطيب الكيميائي الرازي، كما شغف بكتب محمد بن زكريا الرازي وجابر بن حيان. وكانت له التفاتات نحو التاريخ فدرس تاريخ الطبري على ابن كامل الذي كان من أصحاب محمد بن جرير الطبري. و درس علوم الأوائل (اليونان) عند ابن الخمار، وقد برع في هذه العلوم، و خاصة في المنطق والطب حتى لقب بـ أبقراط الثاني.

الأعمال:

عاش ابن مسكويه في عصر ازدهرت فيه العلوم، والفنون والآداب، وانكب فيها العلماء على كتب الحكماء الإغريق، حيث كانت تعقد مجالس لدراسة كتب أرسطو وأفلاطون وغيرهما من فلاسفة الإغريق والشعوب الأخرى.

كانت لابن مسكويه علاقات وثيقة مع وزراء آل بويه وامرائهم في شؤون الديوان والمكتبات والامور المالية، وفي منادمتهم ومصاحبتهم، والاخذ والعطاء في ميدان العلم والأدب، ولهذا أمضى أغلب سنوات حياته في مدن عدة مثل، الري، وبغداد، وشيراز، واصفهان ،فالتحق بالبويهيين في بغداد، وامضى نحو اثنتي عشرة سنة مصاحبا ونديما خاصا لأبي محمد المهلبي، وزير معز الدولة. ثم قضى سبع سنوات بصحبة ابي الفضل ابن العميد، وزير ركن الدولة البويهي يدير مكتبته في الري. والظاهر انه بعد ذلك دخل في خدمة ابي الفتح ابن العميد وزير ركن الدولة ومؤيد الدولة.

ثم التحق ابن مسكويه بعضد الدولة، سلطان آل بويه الكبير، في شيراز حيث أصبح أحد ندمائه ورسله، وعهد اليه بإدراة مكتبته وبيت ماله، وبقي في منصبه هذا حتى مات عضد الدولة.

وقد اعتبر ابن مسكويه  أول علماء المسلمين الذين كتبوا في علم الأخلاق بمفهومه العلمي و الفلسفي، و ذلك من خلال كتابه ” تهذيب الأخلاق و تطهير الأعراق”، و لمع نجمه في الفلسفة حتى لقبه البعض بـ ” المعلم الثالث”. وكذلك له كتاب آخر يدعى ” الفوز الأصغر” والذي يعتقد العالم محمد حميد الله أنه ضم أحد أول الإشارات إلى أفكار النشوء والارتقاء في الأحياء والتي سبق بها نظرية تشارلز داروين بمئات السنين. وفي هذا الكتاب يرى ابن مسكويه أن النباتات ارتقت حتى نشأت شجرة النخيل، والتي يرى أنها هي أرقى النباتات، وأن أدنى الحيوانات ظهرت بعد ذلك وارتقت حتى بلغت القرود والتي هي أرقى الحيوانات، كما ألّف كتاب ” تجارب الأمم” وهو أحد أهم كتبه وأشهرها، وسرد فيه الأحداث ابتدأ فيه من الطوفان حتى سنة 369 هجرية.

مؤلفات ابن مسكويه:

ألف ابن مسكويه عدداً كبيراً من الكتب والرسائل نذكر منها:

• الفوز الأكبر (في الأخلاق).
• الهوامل والشوامل.
• أنس الفريد (يشتمل على أخبار وأشعار وحكم وأمثال).
• ترتيب العادات (في السياسة والأخلاق)
• المستوفي (أشعار مختارة).
• جاويدان خرد (الحكمة الخالدة).
•  الجامع.
•  كتاب السير (وكر ما يسّر به الرجل نفسه عن أمور الدنيا).
• وكتاب في الأدوية المفردة (في الطب).
• كتاب تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق.
• كتاب الأشربة.
• كتاب في تركيب الباجات من الأطعمة.
• رسالة في اللذات والآلام في جوهر النفس.
• رسالة في أجوبة وأسئلة في النفس والعقل.
• ورسالة الجواب في المسائل الثلاث.
• رسالة في جواب سؤال علي بن محمد أبي حيان الصوفي في حقيقة العدل.
• وكتاب طهارة النفس.

الحياة الشخصية:

لم تتحدث كتب التاريخ عن حياته الشخصية، ولم تشر إلى زوجته وولده، وأغلب الظن أنه انقطع للعلم فلم يتزوج.

الوفاة:

توفي ابن مسكويه عام 1030 عن عمر ناهز ال97 عاماً في أصفهان.

الجوائز والتكريمات:

• يعتبر ابن مسكويه اليوم أحد أشهر فلاسفة المسلمين، ومازالت كتبه الكثيرة قيد الدراسة من الأكاديميين والباحثين، ومازالت نظرياته في علم الأخلاق مصدراً مهماً في التربية العربية والإسلامية.
• أطلق اسمه على العديد من القاعات الدرسية الجامعة والساحات العامة في أكثر من بلد إسلامي.

الأقوال:

يقول ابن مسكويه”:

• “العلم هو كمال الإنسان .. وكلما زاد علم الإنسان زادت إنسانيته”.
• ” السعادة هي اللذة. غياب الألم جسديا والاضطراب نفسياً”.
• ” القيم جزء من العقيدة الإسلامية، المؤسسة على التوحيد لا إله إلا الله، وأن من خلق وحده جل في علاه هو وحده الذي يحدد الخير والشر والطيب والقبيح، ويشرع القيم والأخلاق ومعايير السلوك.”
•  ” من جعل سعادته القصوى في تحصيل اللذات الحسية فقد رضي بأخس العبودية لأخس الموالي”.
• ” الأخلاق أفضل الصناعات كلها، وأعنى صناعة الأخلاق التي تعنى بتجويد أفعال الإنسان بما هو إنسان”.
• ” الجوهر الشريف الإلهي إذا تخلص من الجوهر الكثيف الجسماني خلاص بقاء وصفو، لا خلاص مزاج وكدر ؛ فقد سعد وعاد إلى ملكوته، وقرب من بارئه، وفاز بجوار رب العالمين، وخالط الأرواح الطيبة من أشكاله وأشباهه، ونجا من أضداده وأغياره”.
• ” إن تراكمت عليك الأعمال فلا تلتمس الرَّوَح بمدافعتها والروغان منها، فإنه لا راحة لك إلا في إصدارها، والضجر منها هو الذي يراكمها عليك”.
• ” إني لم أطمع في استيعاب جميع الحِكم الجزئية وكيف أطمع فيما لا نهاية له، وإنما أطمع ويطمع العاقل في الأصول والقوانين التي تجمع الفروع. وسيمرّ بك المكرر في المعنى واللفظ، والقصد من ذلك أن تعلم أن عقول الأمم [البشر] كلها تتوافى على طريقة واحدة، ولا تختلف باختلاف البقاع ولا تتغيّر بتغيّر الأزمنة ولا يردّها رادُّ على الدهور والأحقاب، ولذلك يجب أن تقتصر على مبلغ ما أحصيته، ولا تطلب الغاية  فيما لا غاية لها”.

قال عنه أبو منصور الثعالبي:

• ” كان في الذروة العليا من الفضل والأدب والبلاغة والشعر، وكان في ريعان شبابه متصلًا بابن العميد مختصًّا به، ثم تنقلت به أحوال جليلة في خدمة بني بويه والاختصاص ببهاء الدولة، وعظُم شأنه وارتفع مقداره، فترفع عن خدمة الصاحب ولم ير نفسه دونه ولم يخل من نوائب الدهر.”

المصادر:

• https://www.kotobati.com/
• https://ar.wikipedia.org/
• https://www.goodreads.com/
• https://boringbooks.net/
• https://www.aspdkw.com/
• https://lib.efatwa.ir/
•  https://www.aljarida.com