• كاراكلا
  • عبدو-مراد
  • ديفيد-ريكاردو
  • جوزيبي مياتزا
  • عمر النقشبندي
  • ألفريد -هيتشكوك
  • إحسان-البستاني
  • السيد سعيد
  • مارتن-هيدغر
  • جواهر-المهيري
  • هنري-فوندا


حقائق سريعة

عيَّن السُلطان مُراد ابنه مُحمَّد واليًا على إيالة الروم، وكان قد بلغ من العُمر نحو ست سنوات

فتح السلطان محمد القسطنطينيّة رغبته بِتنفيذ وصيَّة والده وتحقيق البشارة النبويَّة

أهم أعمال السُلطان محمد الفاتح في الحقل المدني ترتيبه وظائف القضاء، ووضعه مبادئ القانون المدني وقانون العُقُوبات.

أنشأ، إلى جانب المدارس، الخانات والبيمارستانات والحمَّامات والأسواق والحدائق العامَّة، وأدخل المياه إلى المُدن بِواسطة قناطر خاصَّة، وشجَّع على تشييد المباني وإنشاء الدكاكين


السلطان محمد الفاتح.. صاحب البشارة

1429-1481 عثماني

عدّ فتحه القسطنطينية لأهميته, نهايةً العصور الوسطى وبدايةً العصور الحديثة

الولادة والنشأة:

السلطان محمد الفاتح, وُلد مُحمَّد الثاني في السراي السُلطانيَّة بِمدينة أدرنة، عاصمة الدولة العُثمانيَّة آنذاك، واختلف المؤرخون في تحديد يوم مولده، فقد ذكر البعض أن مولد هذا السُلطان كان يوم 20 نيسان (أبريل) 1429م، وقال آخرون أنَّ مولده كان يوم السبت 31 آذار (مارس) 1430م وأشار غيرهم أنَّ ولادة مُحمَّد الثاني كانت صبيحة يوم 30 آذار (مارس) 1432م. وبقي في أدرنة حتَّى بلغ عامه الثاني، ثُمَّ أرسله والده إلى أماسية في الأناضول، حيثُ كان أخيه البكر أحمد، يتولَّى إيالة الرُّوم، وإلى جانبه شقيقه الآخر علاءُ الدين عليّ. ولمَّا تُوفي أحمد سنة 1437م، عيَّن السُلطان مُراد ابنه مُحمَّد واليًا على الإيالة المذكورة، وكان قد بلغ من العُمر نحو ست سنوات، ونقل علاء الدين إلى مغنيسية وولَّاه عليها، وبعد حوالي سنتين بدَّل السُلطان مُراد ولاية ولديه مُجددًا، فنقل علاء الدين إلى أماسية ومُحمَّدًا إلى مغنيسية.

الدراسة

خصَّص السُلطان عدَّة مُدرِّسين لِتعليم ابنه اليافع أثناء فترة ولايته في أماسية، لكنَّ الشاهزاده الصغير لم يمتثل لِأمر أحدٍ منهم، ولم يقرأ القُرآن حتَّى يختمه. إلى أن أوكل السُلطان مُراد العلَّامة المولى أحمد بن إسماعيل الكوراني، فجعلهُ مُعلِّمًا لِابنه، فختم القُرآن في مُدَّةٍ يسيرةٍ، ولم يبلغ الثامنة، وفرح بِذلك السُلطان مُراد وأنعم على الكوراني بِالمال والهدايا.

قرأ مُحمَّد الثاني كُتُب التاريخ وتعلَّم اللُغتين العربيَّة والفارسيَّة إلى جانب التُركيَّة، وأتقن هذه اللُغات قراءةً وكتابةً ومُحادثةً وترجمةً. كما كلَّف السُلطان مُراد مُعلِّماً ثانياً بِتعليم ابنه مُحمَّد هو الشيخ شمسُ الدين مُحمَّد بن حمزة الدمشقي المُلقَّب «آق شمسُ الدين»، فأتقن على يديه مع الكوراني عُلُوم القُرآن وعلم الحديث والفقه وأُصُوله، وأُصُول الدين والتاريخ والجُغرافيا والمنطق، بِالإضافة إلى الرياضيات والفلك وفُنُون السياسة الشرعيَّة. كما تعلم محمد الثاني من العُلماء المُسلمين وغير المُسلمين الكثير من العلوم، منها: علم الرماية، العُلُوم العسكريَّة، والآداب، والشعر والموسيقى، وأتقن اللغات: الروميَّة، اللاتينيَّة، وتعرف تاريخ العُصُور الكلاسيكيَّة القديمة وعلم الآثار، والتاريخ الإيطالي والأوروپي، الحيل والصناعات الحربيَّة الآليَّة، وقرأ نُصُوص المشاريع الأوروپيَّة لِتدمير السلطنة العُثمانيَّة وما سبقها من دُول المُسلمين.

الأعمال

اعتلاؤه العرش: تُوفي السُلطان مُراد الثاني بعد عودته من حملته على الأرناؤوط بِبضعة شُهُور، وكان قد أوصى جمع الوُزراء بِحُسن الانقياد لِوليِّ عهده مُحمَّد. وتعيين خليل باشا الجندرلي وصيًّا ومُرشدًا لِلسُلطان الجديد، وأن يسعى الأخير لِفتح القُسطنطينيَّة، وقد جرى التكتُّم على وفاة السلطان ما بين 12 و13 يومًا، إلى حين وُصُول السُلطان مُحمَّد من مغنيسية إلى أدرنة.

لم يكن محمد الثاني يتمتَّع بِشعبيَّةٍ كبيرةٍ في الوسط الإنكشاري، وكان يُخشى أن يستغل البيزنطيُّون وفاة السُلطان السابق لِإطلاق سراح الشاهزاده أورخان بن مُحمَّد حفيد الشاهزاده سُليمان چلبي ابن السُلطان بايزيد الأوَّل وشقيق السُلطان مُحمَّد الأوَّل. ومن المعروف أنَّ أورخان المذكور كان مُطالبًا بِالعرش العُثماني بعد وفاة أبيه وجدِّه، باعتباره الأكبر سنًا بين آل عُثمان، فكان العُثمانيون يدفعون مبلغاً سنوياً لِلرُّوم في سبيل إبقائهم الشاهزاده أورخان محجوزاً لديهم في القُسطنطينيَّة، كما خصَّصوا لهُ راتبًا يعتاش منه ولم يكن بالإمكان ضمان وفاء الرُّوم بِعهدهم وإبقاء أورخان في عاصمتهم بعد تبدُّل الظُروف السياسيَّة الناجمة عن وفاة مُراد الثاني، لِذلك كان التكتُّم على وفاته وعدم كشفها لِلبيزنطيين أمرًا ضروريًّا.

أُديرت شُؤون الدولة، بُعيد وفاة مُراد إلى حين وُصُول مُحمَّد الثاني بعد بضعة عشر يوماً، من لدُنَّ الصدر الأعظم خليل باشا الجندرلي، الذي أظهر أنَّ السُلطان حيٌّ يُرزق، حيثُ أدار الأُمُور باسمه، مُنتظرًا وُصُول السُلطان الجديد واستلامه الحكم يوم الخميس 16 مُحرَّم 855هـ المُوافق فيه 18 شُباط (فبراير) 1451م. وتذكر بعض الروايات على أنَّه كان يبلغ من العُمر 18 سنة وعشرة أشهر وعُشرون يوما عند جُلُوسه النهائي والأخير، بينما تشير رواياتٌ أُخرى أنَّهُ كان في العشرين من عُمره، أو ما بين ٢٠ و٢٥سنة.

وما أن وصل مُحمَّد الثاني إلى عاصمة الممالك العُثمانيَّة، حتَّى أمر بِنقل جُثمان والده، إلى بورصة لِيُدفن بها، وإرسال زوجة أبيه الصربيَّة، الأميرة مارا برانكوڤيچ، إلى والدها قيصر الصرب جُريج برانكوڤيچ.

اتَّبع مُحمَّد الثاني سياسةً شديدة الحذر نتيجة الأوضاع الداخليَّة والخارجيَّة. ففي الداخل، وتجنُّبًا لِإثارة قلاقل سياسيَّة، أبقى خليل باشا الجندرلي في منصب الصدر الأعظم على الرُغم من سوء علاقتهما، لأنه الرجل الأنسب منذ عهد والده لتحقيق التهدئة والوفاق في الداخل أمام الخطر القادم من الغرب الأوروبي، أمَّا على الصعيد الخارجي، فقد عمل مُحمَّد الثاني على تجديد مُعاهدات الصُلح مع الوُفُود الأجنبيَّة التي قدمت لِتهنئته بِتربُّعه على العرش، وكان من أبرز ممن أرسل وُفُودًا إليه بِهذا الصدد: الإمبراطور البيزنطي، وإمبراطور طرابزون، والوصيّ على عرش المجر وقيصر الصرب، كما عقد مُعاهدةً سلميَّة مع عدُوَّة العُثمانيين اللَّدودة، أي مملكة المجر، ومن المعلوم أنَّ موضوع فتح القُسطنطينيَّة كان يشغل حيزًا كبيرًا من تفكير السُلطان الشاب، ورأى أنَّه من الأنسب له أن يتعامل مع الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة على نحوٍ حسنٍ، إلى حين الانتهاء من الاستعدادات وحُلُول اللحظة المُلائمة.

واجه مُحمَّد الثاني، في بداية حياته السياسيَّة، بعض الصُعُوبات في الأناضول، ذلك أنَّ أميرها استغلَّ مرحلة الانتقال من عهدٍ إلى عهد، فأشهر العصيان وهاجم الأراضي العُثمانيَّة في أنطالية على رأس جمعٍ من جُنُوده، على أمل استرداد أراضي إمارة آبائه التي أُلحقت بِالدولة العُثمانيَّة. وحثَّ أبناء وأحفاد الأُمراء التُركمان، الذين استوطنوا إمارته بعد ضمِّ بلادهم إلى الدولة العُثمانيَّة، على الاقتداء به، لكن جهوده فشلت وأرسل إلى السُلطان مُحمَّد يستعفيه، فعفى عنه وعاد إلى بورصة للاشتغال بِإعدادات فتح القُسطنطينيَّة.

لم يتردد السلطان محمد الفاتح  بِإظهار غضبه بسبب حادثة قطع الطريق من قبل الإنكشارية طلباً للمال، عند عودته من حملته على الإمارة القرمانيَّة، وأقدم على عزل عددٍ من قادة الإنكشاريَّة، كما أجرى تشكيلاتٍ في قُوَّاتهم.

فتح القسطنطينيّة: كان لِمُحمَّدٍ الثاني عدَّة أسباب لِفتح القُسطنطينيَّة، إلى جانب رغبته بِتنفيذ وصيَّة والده وتحقيق البشارة النبويَّة، ويُمكن تلخيص هذه الأسباب في انتعاش سياسة الفُتُوح والنظام المركزي في عهده، وكان العائق الوحيد أمام مُحمَّد الثاني، لِتنفيذ سياسته العالميَّة، هو الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة التي ظلت تتلاعب بِورقة الطامعين بِالعرش العُثماني، والتهديد بِشنِّ حملاتٍ صليبيَّةٍ جديدةٍ. وقد استغلَّت بيزنطة انشغال مُحمَّد الثاني بِالهُجُوم على الإمارة القرمانيَّة فهدَّدت بِإطلاق سراح الشاهزاده أورخان، المُطالب بِالعرش العُثماني، لِتُرغم السُلطان على تقديم بعض التنازُلات، وكان لهذا الأمر تأثيرٌ كبيرٌ في التعجيل بِفتح القُسطنطينيَّة. فإنَّ بقاءها في أيدي البيزنطيين من شأنه أن يُهدِّد المُوصلات وعمليَّات نقل القُوَّات ما بين الأملاك الآسيويَّة والأوروبية للعثمانيين، أمَّا فتحها فإنَّهُ كفيل بِتشديد قبضتهم على الأراضي التي يحكمونها، ويخلع عليهم المهابة والعظمة، وأضحى هذا الفتح ضرورة سياسيَّة واستراتيجيَّة مُلحَّة، فضلًا عمَّا فيه من مغزى ديني كبير.

الفتوح في أوروبا بعد سقوط القسطنطينية: أدَّى سُقُوط القُسطنطينيَّة في أيدي المُسلمين إلى تخوُّف مُلٌوك الأطراف من النصارى والمُسلمين من قُوَّة العُثمانيين الكبيرة، فأرسلوا رُسلًا إلى ركاب السُلطان مُحمَّد لِتجديد روابط الوداد والصُلح والهُدنة بين دُولهم والدولة العُثمانيَّة، وكان منهم قيصر الصرب جُريج برانكوڤيچ الذي استولى على كثيرٍ من البلاد التي افتتحها المُسلمون زمن السُلطان مُراد الثاني، واستردَّها لِنفسه، ولمَّا بلغه خبر فتح القُسطنطينيَّة أرسل رسولًا مع مفاتيح القلاع التي أخذها وطلب العفو والأمان من السُلطان، فطلب الأخير منهُ بقيَّة القلاع، فأبى التسليم وأغار على أطراف الدولة العُثمانيَّة وقطع عددًا من الطُرق الحيويَّة، فما كان من السُلطان إلَّا أن سار على الفور لِدفع هذا العدوان، واستولى على مدينة سمندريَّة، وقلعة سوريجة، وحصن أمولة، وأغار على بقية بلاد الصرب.

أجرى السلطان الفاتح بعد عودته بعض الترتيبات الإداريَّة والدبلوماسيَّة، ومنها أنَّهُ فوَّض قضاء العسكر إلى مُربيه المولى أحمد بن إسماعيل الكوراني، وقبل خضوع ودفع الجزية من قيصر الصرب جُريج برانكوڤيچ، وعقد مُعاهدةً مع البُندقيَّة حافظت بِموجبها هذه الدولة التجاريَّة على امتيازاتها، كما عقد السُلطان الفاتح اتفاقاتٍ سلميَّةٍ مع جُزر أرخبيل بحر إيجة، ووعد أهل بلدة «إينوز» على دفع شر الروم ممَّا كانوا يفعلون بِالمُسلمين من الجور والأذيَّة والتعدِّي، ولكنه تسلَّمها دون قتال.

فتح معظم بلاد الصرب: كانت سياسة السُلطان مُحمَّد الفاتح في البلقان، التي وقعت تحت السيطرة العُثمانيَّة، تنم عن بُعد نظر ورغبة في جعل هذه البلاد أرضًا مُسالمة لا خاضعة فقط، ومنع أيَّة دولة أجنبيَّة من أن تمُدَّ نُفُوذها جنوبيّ نهر الطونة (الدانوب)، وجعلت هذه السياسة شُعُوب البلقان المسيحيَّة مُتعلِّقة بِالسلام العُثماني، لكن قوة السلطنة العثمانية أثارت مخاوف بعض الدول وفي مُقدِّمتها قيصريَّة الصرب ومملكة المجر وجُمهُوريَّة البُندُقيَّة، وكانت هذه الأخيرة صاحبة النُفُوذ الأقوى على سواحل البلقان، عسكريًّا واقتصاديًّا. وقد استطاع السلطان الفاتح دخول هذه الدول وإخضاعها.

السيطرة على السواحل الجنوبية لبحر البنطس (الأسود): بعد عودة السُلطان من بلاد اليونان، حول السلطان الفاتح أنظاره إلى آسيا الصُغرى لِيفتح ما بقي منها خارجًا عن السيطرة العُثمانيَّة، ففي تلك الفترة لم يكن قد بقي في المنطقة سالِفة الذِكر سوى بعض المُدن والقلاع الإسلاميَّة والنصرانيَّة التي لم تدخل في حظيرة الدولة العُثمانيَّة، وتضمر العداء لها.

فتح أماصرة وضم قسطموني وسينوب: ما أن انتهى السُلطان مُحمَّد من فتح بلاد المورة حتَّى أعدَّ، جيشًا بريًّا تولَّى قيادته بِنفسه، وأُسطُولًا بحريًّا عهد بِقيادته إلى الصدر الأعظم محمود باشا، وخرج وسط تكتُّمٍ شديدٍ نحو أماصرة، فجاء إليه حاكم المدينة يصحبه بعض أعيانها، وسلَّموا إليه مفاتيحها طالبين عدم التعرُّض لهم في أنفُسهم وأموالهم، فأجابهم الفاتح إلى طلبهم ومنحهم الأمن والأمان.

ضم قويون حصار: بعد ضمِّ الإمارة الجندرليَّة وتنظيم أُمُورها، توجَّه السُلطان إلى تسخير قلعة «قويون حصار»، الواقعة شمال مدينة نيكسار على نهر «كلكيت»؛ وتوجَّه إلى ضمِها.

فتح طرابزون: خلال الفترة التي تطلَّبها عُبُور الجيش العُثماني لِجبال البنطس، كان الأُسطُول السُلطاني قد ضرب حصارًا بحريًّا حول طرابزون، وشرع في الحصار والقتال من البرِّ والبحر، فاضطرَّ امبراطورها داود إلى الاستسلام وطلب الأمان، فأمَّنهُ السُلطان واستلم منهُ المدينة صُلحًا. واكتملت بذلك سيطرة الدولة العُثمانيَّة على كافَّة السواحل الجنوبيَّة لِبحر البنطس (الأسود).

عودة الفتوح إلى أوروبافتح جزيرة مدللي: أمر السلطان بِتعمير أُسطولٍ عظيمٍ من السُفن الحربيَّة لِفتح جزيرة مدللي، المُسمَّاة بِكُتُب الروم «لسبوس»، وبعد مُحاصرة الجزيرة من البحر ومحاصرته لها مع جنوده من البر استطاع السيطرة عليها.

فتح البُشناق: بعد فتح العُثمانيين لِبلاد الصرب، أضحوا يُجاورون مملكة البُشناق التي اشتهرت بِقلاعها الكثيرة وجبالها المنيعة، وكان ملكُها أشدُّ خطرًا على الدولة العُثمانيَّة من أيِّ حاكمٍ صربيٍّ آخر، فبعث إلى ملكها يطلب منهُ الخُضُوع لِلدولة العُثمانيَّة، ودفع الجزية لها، إلَّا أنه رفض، فزحف السُلطان الفاتح بِاتجاه البُشناق ونزل بِإسكوپية، واستطاع فتح حصن لوفجة وقلعة صقول، ومدينة يايجة، وقلعة أرجاي، ودانت بِذلك جميع بلاد البوسنة وأصبحت جُزءًا من الدولة العُثمانيَّة، ولم يبقَ أمام الفاتح سوى إقليم الهرسك.

الحرب الكبرى مع البندقية: بلغت جُمهُوريَّة البُندُقيَّة، مُنذُ نهاية القرن الرابع عشر الميلاديّ، درجةً عظيمةً من القُوَّة في المشرق الإسلامي، بِما أنشأت من تجارةٍ واسعةٍ ومُستعمراتٍ كثيرةٍ ومحطَّاتٍ ومراكز هامَّة في بحاره. في فترةٍ كانت الدولة العُثمانيَّة في بداية نشأتها السياسيَّة، ومع تزايد نُموّ هذه الدولة الإسلاميَّة، واتساع فُتُوحاتها، خشيت البندقية أن تُعرقل تجارتها أو تقطع سُبُل مواصلاتها، فراحت تتقرَّب إليها، وتعقد المُعاهدات معها. لكنَّ هذه المُعاهدات كانت مؤقتة بِفعل استمرار توسُّع الدولة العُثمانيَّة، وحرصت البُندُقيَّة على الاحتفاظ بِمركزها المُمتاز في المشرق. وقوَّت مركزها في اليونان والمورة وبحر إيجة، واستولت على مواقع استراتيجيَّة جديدة فيها، وحاولت مُساعدة الروم على الصُمُود في وجه الحصار العُثماني، كما ساندت الحركات المُناهضة لِلحُكم العُثماني في الإيالات والبلاد المفتوحة، وبعد أن أتمَّ السُلطان فتح المورة حيثُ كانت لِلبُندُقيَّة مراكز هامَّة، تجاور الخصمان وتواجها، وأعادت البُندُقيَّة النظر في سياسة الصُلح مع العُثمانيين. وذُكر أن السبب المُباشر لاندلاع الحرب بين العُثمانيين والبُندُقيَّة، كان إلحاق البُشناق بِالدولة العُثمانيَّة. كما قام بفتح القرم وقام بحملة على البُغدان وبعد سقوط بغداد قام بحملة على المجر وفتح إشقودرة وما حولها كما حاصر رودس وحصلت فتوحات جنوب إيطاليا.

إنجازاته المدنية والعسكرية وأهميتها: عند وفاة السلطان محمد الفاتح، كانت خريطة الدولة العُثمانيَّة ومكانتها في العالم قد تغيَّرت من أساسها؛ فقد اتسعت ووصلت مساحتها إلى 2,214,000 كلم2، منها 1,703,000 كلم2 في أوروپَّا و511,000 كلم2 في آسيا، وأصبحت الدولة العُثمانيَّة قُوَّة كبيرة في شمال بحر البنطس (الأسود)، وأوروپَّا الشرقيَّة. كما أصبحت الأولى بين الدُول الأوروپيَّة من حيث تعداد السُكَّان ومن حيث المساحة أيضًا. وقد تساوت عبقريَّة السُلطان الفاتح في التنظيم المدني مع خبرته في الأعمال العسكريَّة، فإليه يُنسبُ تنظيم الأوضاع الحُكُوميَّة لِلدولة العُثمانيَّة، ووضع نظام «الديوان الهمايوني»، وجعل لها أربعة أركان، هُم: الصدر الأعظم، وقاضي العسكر والدفتردار، وهو ماسك السجلَّات الماليَّة، والنيشانجي، وهو كاتب سر السُلطان. واستطاع وضع الدُستُور المُسمَّى «فاتح قانون نامه سي» أي «دُستُور الفاتح»، كما أنشأ وظيفة قاضي عسكر الروملِّي ووظيفة قاضي عسكر الأناضول، وحدَّد اختصاصهما بِالتعيين في مناصب القضاء، ورتَّب الفاتح وظائف الجُند، فعيَّن قائدًا خاصًا لِجيش الإنكشاريَّة، سمَّاه «آغا»، كما عيَّن قائدًا آخر لِسلاح المدفعيَّة، وثالثًا مسؤولًا عن تموين الجيش.

الحُدُود التقريبيَّة لِلدولة العُثمانيَّة عند وفاة السُلطان مُحمَّد الفاتح

أمَّا أهم أعمال السلطان محمد الفاتح في الحقل المدني فهي ترتيبه وظائف القضاء، ووضعه مبادئ القانون المدني وقانون العُقُوبات. فأبدل العُقُوبة العينيَّة ووضع مكانها غرامات نقديَّة، كما عُني، بِوجهٍ خاص، بِرجال القضاء، فأغدق عليهم في الرزق لِسدِّ سُبُل الإغراء والرشوة، وأحاط منصبهم بِهالةٍ مُهيبةٍ من الحرمة والجلالة والقداسة حرَّم مساسها من قِبل الآخرين. وبنى الفاتح مساجد عدَّة في إسلامبول وغيرها من المُدن التي افتتحها، وأنشأ الكثير من المكاتب والمدارس التي أوقف عليها الأوقاف، ورتَّبها على درجاتٍ ومراحل، ووضع لها المناهج، وحدَّد العُلُوم والمواد التي تُدرَّس في كُلِّ مرحلة، وفرض الامتحانات، وأدخل في مناهج التعليم نظام التخصُّص. وأنشأ، إلى جانب المدارس، الخانات والبيمارستانات والحمَّامات والأسواق والحدائق العامَّة، وأدخل المياه إلى المُدن بِواسطة قناطر خاصَّة، وشجَّع على تشييد المباني وإنشاء الدكاكين

الحياة الشخصية

تزوَّج مُحمَّد الفاتح عدَّة نساء خِلال حياته وأنجب منهُنَّ جميع أبنائه وابنته الوحيدة، أمَّا أولاده فهم بايزيد الثاني، وبكر أولاد السُلطان الفاتح وخليفته على عرش آل عُثمان مُصطفى، وكان الابن المُفضَّل لدى السُلطان جَمّ سُلطان الذي نازع أخاه بايزيد المُلك ولم يقدر عليه، ابنته جوهرخان خاتون التي تزوَّجت من أوغورلي مُحمَّد ابن أوزون حسن وأنجبت له وليّ عهده أبو النصر أحمد كوده. ودُفنت بِجانب والدتها في تُربتها بِإسلامبول

الوفاة

تُوفي االسلطان محمد الفاتح  يوم الخميس 3 أيَّار (مايو) من عام 1481م، إثر مرضٍ داهمه أثناء الاستعداد لحملة موجهة إلى إيطاليا، وهناك روايتان بخصوص هذه الوفاة، إذ تنص الرواية الأولى على أنَّ الفاتح كان يشكو من قدمه جرَّاء إصابته بِالنقرس، وهو المرض الوراثي لِآل عُثمان، فتشاور الأطبَّاء في حالته، فزادوا كميَّة الدواء. وعندما زاد عليه الألم أعطوه شرابًا مُسكِّنًا، فتُوفي على إثره. أمَّا الرواية الأُخرى فتنص على أنَّ الفاتح مات جرَّاء سُمٍّ دُسَّ له أو جرَّاء إهمالٍ طبيٍّ مُتعمَّد.

 

الجوائز والتكريم

اكتشف أكاديميون أتراك قصيدة ملحمية إيطالية عمرها أكثر من 550 عاما كتبها شاعر إيطالي، تكريما للسلطان “محمد الفاتح” بعنوان: (الأمير.. حياة وفتوحات محمد الإمبراطور التركي) ، كتبها الشاعر والمؤرخ الإيطالي “جيان ماريو فيليلفو” في عام 1475.

وقد أطلق اسم السلطان محمد الفاتح على المساجد, والساحات على طول البلاد الإسلامية وعرضها.

 

الأقوال:

من أقوال السلطان محمد الفاتح:

“أيتها القسطنطينية: إما أن تأخذيني أو آخذك”.

“لو علمت شعرة من لحيتي ما أريد أن أفعل لقطعته”

“قولوا لإمبراطوركم أن سلطان الدولة العثمانية الحالي لا يشبه السابقين، فالحدود التي وصلتها إمبراطورتينا لن تصلها حتى أحلامكم”.

“إِن كُنتَ سُلطَانًا فَظَاهِر أَنَّ عَلَيكَ مُحَافَظَةُ البِلَادِ وَالعِبَادِ، وَإِن لَم تَكُن سُلطَانًا فَيَجِب عَلَيكَ طَاعَةُ السُّلطَانِ وَامتِثَالُ أَمرِه”.

عسكريونقادة

السلطان محمد الفاتح.. صاحب البشارة



حقائق سريعة

عيَّن السُلطان مُراد ابنه مُحمَّد واليًا على إيالة الروم، وكان قد بلغ من العُمر نحو ست سنوات

فتح السلطان محمد القسطنطينيّة رغبته بِتنفيذ وصيَّة والده وتحقيق البشارة النبويَّة

أهم أعمال السُلطان محمد الفاتح في الحقل المدني ترتيبه وظائف القضاء، ووضعه مبادئ القانون المدني وقانون العُقُوبات.

أنشأ، إلى جانب المدارس، الخانات والبيمارستانات والحمَّامات والأسواق والحدائق العامَّة، وأدخل المياه إلى المُدن بِواسطة قناطر خاصَّة، وشجَّع على تشييد المباني وإنشاء الدكاكين



معلومات الأيقونة:

اسم الأيقونة : السلطان "محمد الفاتح
رقم الأيقونة : 2483
الكاتب : فريق أيقونات
اسم الموقع : https://iconaat.com
تاريخ النشر : فبراير 19, 2022
تاريخ آخر تحديث : أبريل 15 , 2022
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى