توفيق الحكيم.. رائد الكتابة المسرحية المعاصرة
1897-1987/ مصري
ألف عدداً كبيراً من المسرحيّات التي كانت عَلَماً في الدّراما العربيّة والتي تتجاوز الثّمانين مسرحيّة
جدول المحتويات
الولادة والنشأة:
ولد توفيق إسماعيل الحكيم بالإسكندرية، لأبٍ مصري من أثرياء الفلاحين، ويعمل في سلك القضاء في مدينة الدلنجات بمحافظة البحيرة، وأمٍ تركية أرستقراطية كانت ابنةً لأحد الضباط الأتراك المتقاعدين.
وهناك روايةٌ أخرى عن تاريخ ولادته حيث أورد الدكتور إبراهيم ناجي والدكتور إسماعيل أدهم بأن توفيق ولد عام ١٩٠٣، بضاحية الرمل بمدينة الإسكندرية.
الدراسة:
أنهى الحكيم تعليمه الابتدائي بمدرسة دمنهور الابتدائية، عام 1915 ثم ألحقه أبوه بمدرسة حكومية في محافظة البحيرة حيث أنهى الدراسة المتوسطة، ثم انتقل إلى القاهرة مع أعمامه، لمواصلة الدراسة الثانوية في مدرسة محمد علي الثانوية، وحصل على شهادة البكالوريا عام 1921م.
ثم انضم إلى كلية الحقوق حسب رغبة أبيه ليتخرج منها عام 1925، وأُرسل في بعثةٍ دراسية إلى باريس ليحصل على شهادة الدكتوراه في الحقوق، ولكن انشغاله بالمسرح قضى على هذا الحلم.
الأعمال:
العمل الوظيفي:
التحق توفيق الحكيم بعد عودته إلى مصر بمكتب أحد المحامين المشهورين، فعمل محامياً متدرباً لفترةٍ زمنيةٍ قصيرة، ثم وكيلاً للنائب العام في المحاكم المختلطة ثم في المحاكم الأهلية، بالإسكندرية عام 1930.
وفي عام 1934 انتقل إلى وزارة المعارف ليعمل مفتشاً للتحقيقات، ثم نُقل مديراً لإدارة الموسيقى والمسرح بالوزارة عام 1937، ثم إلى وزارة الشؤون الاجتماعية ليعمل مديراً لمصلحة الإرشاد الاجتماعي.
لاحقاً استقال من الوظيفة الحكومية في عام 1944، ثم عاد إليها ثانيةً عام 1954 مديراً لدار الكتب المصرية.
وفي نفس السنة اُنتخب عضواً عاملاً بمجمع اللغة العربية، وفي عام 1956 عُيّن عضواً متفرغاً في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب بدرجة وكيل وزارة.
وفي عام 1959 عُيّن مندوباً لمصر بمنظمة اليونسكو في باريس. ثم عاد في أوائل عام 1960 إلى موقعه في المجلس الأعلى للفنون والآداب.
وبعدها عمل مستشاراً بجريدة الأهرام ثم عضواً بمجلس إدارتها في عام 1971.
الكتابة للمسرح:
لم يكتب الحكيم إلا عدداً قليلاً من المسرحيات التي يمكن تمثيلها علي خشبة المسرح ليشاهدها الجمهور، وكانت معظم مسرحياته من النوع الذي يمكن أن يطلق عليه (المسرح الذهني)، المليئة بالدلائل والرموز التي يمكن إسقاطها على الواقع فتسهم في تقديم رؤية نقدية للحياة والمجتمع وتتسم بقدرٍ كبير من العمق والوعي.
استلهم في أعماله المسرحية الروائية موضوعات مستمدة من التراث المصري عبر عصوره المختلفة، سواء كانت فرعونية أو رومانية أو قبطية أو إسلامية، كما استمد شخصياته وقضاياه المسرحية والروائية من الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي المعاصر لأمته، فالحكيم صاحب أول مسرحيةٍ عربيةٍ ناضجةٍ، وهي أهل الكهف ورواية عودة الروح.
تميز الرمز في أدب توفيق الحكيم بالوضوح وعدم المبالغة في الإغراق في الغموض، وتتجلى مقدرة الحكيم الفنية في قدرته الفائقة على الإبداع وابتكار الشخصيات وتوظيف الأسطورة والتاريخ على نحو يتميز بالبراعة والإتقان، ويكشف عن مهارة تمرس وحسن اختيار للقالب الفني الذي يصب فيه إبداعه، سواء في القصة أو المسرحية.
بالإضافة إلي تنوع مستويات الحوار لديه بما يناسب كل شخصية من شخصياته، ويتفق مع مستواها الفكري والاجتماعي؛ وهو ما يشهد بتمكنه ووعيه.
ويمتاز أسلوب توفيق الحكيم بالدقة والتكثيف الشديد وحشد المعاني والدلالات والقدرة الفائقة على التصوير؛ فهو يصف في جمل قليلة ما قد لا يبلغه غيره في صفحات طوال، سواء كان ذلك في رواياته أو مسرحياته.
ويعتني الحكيم عناية فائقة بدقة تصوير المشاهد وحيوية تجسيد الحركة ووصف الجوانب الشعورية والانفعالات النفسية بعمقٍ وإيحاءٍ شديدين.
وقد مرت كتابته بثلاث مرات:
المرحلة الأولى: كانت عباراته فيها لا تزال قليلة، واتسمت بشيء من الاضطراب حتى إنها لتبدو أحياناً مهلهلةً فضفاضة إلى حدٍ كبير، ومن ثم فقد لجأ فيها إلى اقتباس كثير من التعبيرات السائرة لأداء المعاني التي تجول في ذهنه، وهو ما جعل أسلوبه يشوبه القصور وعدم النضج. وفي هذه المرحلة كتب مسرحية أهل الكهف، وقصة عصفور من الشرق، وعودة الروح.
المرحلة الثانية: حاول في هذه المرحلة العمل على مطاوعة الألفاظ للمعاني، وإيجاد التطابق بين المعاني في عالمها الذهني المجرد والألفاظ التي تعبر عنها من اللغة، ويلاحظ عليها أنها تمت بشيء من التدرج، وسارت متنامية نحو التمكن من الأداة اللغوية والإمساك بناصية التعبير الجيد. وهذه المرحلة تمثلها مسرحيات شهرزاد، والخروج من الجنة، ورصاصة في القلب، والزمار.
المرحلة الثالثة: هي مرحلة تطور الكتابة الفنية عند الحكيم والتي عكست قدرته على صياغة الأفكار والمعاني بصورة جيدة، وخلال تلك المرحلة ظهرت العديد من مسرحياته مثل: سر المنتحرة، نهر الجنون، وبراكسا، وسلطان الظلام.
الأحزاب والمرأة:
بالرغم من ميول الحكيم الليبرالية ووطنيته، فقد حرص على استقلاله الفكري والفني، فلم يرتبط بأي حزب سياسي في حياته قبل الثورة؛ فلما قامت ثورة يوليو 1952 ارتبط بها وأيدها، ولكن في الوقت نفسه كان ناقداً للجانب الديكتاتوري غير الديمقراطي الذي اتسمت به الثورة منذ بدايتها.
كما تبنى الحكيم عدداً من القضايا القومية والاجتماعية وحرص على تأكيدها في كتاباته، فقد عُني ببناء الشخصية القومية، واهتم بتنمية الشعور الوطني ونشر العدل الاجتماعي وترسيخ الديمقراطية وتأكيد مبدأ الحرية والمساواة.
وعلى عكس ما أُشيع عن توفيق الحكيم من عداوته للمرأة؛ فقد حظيت بنصيبٍ وافرٍ في أدب توفيق الحكيم وتحدث عنها بكثيرٍ من الإجلال والاحترام الذي يقترب من التقديس، فالمرأة في أدبه تتميز بالإيجابية والتفاعل، ولها تأثيرٌ واضحٌ في الأحداث ودفع حركة الحياة، ويظهر ذلك بجلاء في مسرحياته شهرزاد وإيزيس والأيدي الناعمة وبجماليون وقصة الرباط المقدس وعصفور من الشرق وعودة الروح.
مؤلفاته:
الروايات: عودة الروح، القصر المسحور، يوميات نائب في الأرياف، عصفور في الشرق، أشعب، راقصة المعبد روايات قصيرة، حمار الحكيم.
القصص: عهد الشّيطان، سلطان الظلام، عدالة وفن، أرني الله، ليلة الزفاف.
المسرحيات: أهل الكهف، شهرزاد، براكسا أو مشكلة الحكم، بجماليون، سليمان الحكيم، الملك أوديب، مسرح المجتمع، الأيدي الناعمة، إيزيس، بالإضافة إلى العديد من المسرحيات.
المقالات: ثورة الشباب، أدب الحياة، فن الأدب.
النصوص والدراسات: شجرة الحكم، عصا الحكيم، تأملات في السياسة.
السير: سيرة محمد صلى الله عليه وسلم، سيرة العُمر، وله نشيد اسمه الإنشاد الديني.
وقد ترجمت بعض كتبه ورواياته، مثل مسرحية شهرزاد التي ترجمت إلى الإنجليزية، رواية عودة الروح التي ترجمت إلى الروسية، ورواية يوميات نائب في الأرياف التي ترجمت إلى الفرنسية.
كتب ودراسات عنه: توفيق الحكيم والأدب الشعبي: أنماط من التناص الفلكلوري، محمد رجب النجار.
المناصب:
شغل توفيق الحكيم العديد من المناصب وكان عضواً في عدة هيئات نذكر منها:
- رئيس اللجنة العليا للمسرح بالمجلس الأعلى للفنون والآداب سنة 1966.
- مقرر للجنة فحص جوائز الدولة التقديرية في الفنون.
- نائب فخري بمجلس الأدباء.
- رئيس للهيئة العالمية للمسرح
- عضو في المجلس القومي للخدمات والشؤون الاجتماعية
- رئيس لمجلس إدارة نادي القصة.
- رئيس للمركز المصري للهيئة العالمية للمسرح.
- كاتب متفرغ بصحيفة الأهرام القاهرية.
الحياة الشخصية:
تزوج توفيق الحكيم عام 1946، وله ولدين إسماعيل وزينب.
الوفاة:
تُوفّي توفيق الحكيم في شهر تمّوز من عام 1987م.
الجوائز والتكريمات:
نال توفيق الحكيم العديد من الجوائز وكرم بطرق عدة نذكر منها:
- قلادة الجمهورية عام 1957.
- جائزة الدولة في الآداب عام 1960، ووسام الفنون من الدرجة الأولى.
- قلادة النيل عام 1975.
- والدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون عام 1975.
- أطلق اسمه على فرقة (مسرح الحكيم) في عام 1964 حتى عام 1972
- كما أطلق اسمه على مسرح محمد فريد اعتباراً من عام 1987.
الأقوال:
قال طه حسين:
- “إن الحكيم يفتح باباً جديداً في الأدب العربي هو باب الأدب المسرحي الذي لم يعرفه العرب من قبل في أي عصر من عصورهم”. إلا أنه انتقده في مسرح العبث، ورأى أنه ثقيل الدم، ولا يبعث على الضحك، وإذا ضحكنا فعلى المؤلف وليس مع الممثلين.
أما محمد حسنين هيكل زميله في جريدة أخبار اليوم فقال عنه:
- “أنا كنت مبهوراً بالأديب والفنان وهو كان مبهوراً بالصحفي”.
ونقده محمد لطفي جمعة:
- “إن جمود قريحة الأستاذ توفيق الحكيم أمرٌ لا شك فيه، فإنه لم يبتكر شيئاً بل عاش على إنتاج الأقدمين والجدد”.
وقال عنه نجيب محفوظ:
“الحكيم كان يمتاز بذكاء نادر وثقافة موسوعية مكنته من التقاط الجزئيات التي لا ينتبه كثيرون إليها سواء في التراث أو التاريخ أو الحياة”.
المصادر:
- https://middle-east-online.com
- https://ar.wikipedia.org
- https://mawdoo3.com
- https://www.aljazeera.net/encyclopedia/icons